القولون العصبي: مرض في الأمعاء أم في الأعصاب؟

القولون العصبي: مرض في الأمعاء أم في الأعصاب؟
(اخر تعديل 2023-05-28 12:12:16 )

متلازمة القولون العصبي بمثابة اضطراب مَعِدي معوي يؤثر على وظيفة الجهاز الهضمي، يجعل الشخص عُرضة للانتفاخ والإسهال والغازات والإمساك. ما هي أعراض القولون العصبي؟ هل هو اضطراب قابل للعلاج أم أن التغييرات الغذائية والأدوية تخفف من حدته فقط؟

متلازمة القولون العصبي

متلازمة القولون العصبي

ما هو القولون العصبي؟  

يوصف القولون العصبي أو متلازمة القولون العصبي (Irritable bowel syndrome) بمجموعة من الاضطرابات الوظيفية في الجهاز الهضمي، مما يتسبب في المعاناة من أعراض مزمنة ناتجة عن اضطراب وظيفة الأمعاء، والتي تشمل عادة الغازات المفرطة، وآلام البطن والتشنجات والإمساك. على الرغم من أنه مرض مزمن ويؤثر بشكل كبير على حياة المرضى، إلا أنه لا ترتبط متلازمة القولون العصبي بالتهابات الأمعاء، كما أنها لا تؤدي إلى الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي.

أنواع القولون العصبي 

يتم التمييز بين أنواع القولون العصبي حسب حركات الأمعاء غير الطبيعية أو التغيرات المفاجئة التي تطرأ على حركات الأمعاء، وتشمل هذه الأنواع:

  • القولون العصبي مع الإمساك (IBS-C)

يصيب القولون العصبي المصاحب للإمساك فئة المراهقين والشباب، ومما يميزه المعاناة من الإمساك وقلة حركة الأمعاء والبراز الصلب والمتكتل.

  • القولون العصبي مع الإسهال (IBS-D) 

تتميز متلازمة القولون العصبي مع الإسهال بالتأثير المباشر على الأمعاء الغليظة، حيث تجعل حركات الأمعاء رخوة ومائية مع الإصابة المتكرر بالغثيان.

  • القولون العصبي مع عادات الأمعاء المختلطة (IBS-M) 

يعاني المصابون بمتلازمة القولون العصبي مع عادات الأمعاء المختلطة، من نوعين من حركات الأمعاء والتي تكون أحيانا صلبة ومتكتلة، وتكون في أحايين أخرى رخوة ومائية.

أعراض القولون العصبي 

تعتبر الأعراض الأكثر شيوعا لمتلازمة القولون العصبي هي آلام البطن المصحوبة بتغيرات حركات الأمعاء، وقد تتغير أعراض القولون العصبي باختلاف أنواع متلازمة القولون العصبي، والتي تتمحور عادة حول آلام وتشنجات وتقلصات المعدة التي تسوء مباشرة بعد الأكل، وتخف حدتها بعد التبرز، ثم الانتفاخ والإحساس بالامتلاء والانزعاج، ثم الإسهال أو الإمساك. قد تكون الأعراض خفيفة أو حادة حسب نوع النظام الغذائي الذي يتبعه الشخص.

أسباب القولون العصبي 

إن أسباب القولون العصبي غير معروفة لدى الأخصائيين، لكن، يحدد الخبراء العديد من العوامل التي قد تتداخل مع السبب الرئيسي للإصابة بمتلازمة القولون العصبي، وتشمل:

1. اضطرابات وظيفة الجهاز الهضمي 

يمكن أن تنتج الإصابة بالقولون العصبي عن عدم التواصل الفعال بين الأعصاب في كل من الدماغ والأمعاء، وهو ما يؤثر على طريقة عمل وظائف الجسم، والتي قد تشمل؛ بطء أو سُرعة مرور الطعام والعناصر الغذائية عبر الجهاز الهضمي، والذي يعتبر سببا أساسيا في تغير حركة الأمعاء، والتشنجات والتقلصات المؤلمة.

2. اختلال التوازن البكتيري

يمكن للعوامل الجرثومية أن تكون سببا في المعاناة من أعراض القولون العصبي، وذلك نتيجة اختلال التوازن البكتيري في الأمعاء الدقيقة نتيجة زيادة عدد البكتيريا أو تغير أنواعها.

3. التسمم الغذائي والعدوى

يمكن أن يؤدي التسمم الغذائي أو العدوى المَعِدِية المعوية كالتهابات المعدة والأمعاء إلى الإصابة بمتلازمة القولون العصبي، نتيجة التأثير السلبي الذي تُحدثه الأمعاء للجهاز المناعي، وهو ما يتسبب في حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي.

4. الإجهاد 

يرى الخبراء أن للصحة النفسية ارتباطا وثيقا بإثارة وتفاقم أعراض القولون العصبي، وتحديدا لدى الأشخاص الذين يعانون من التوتر والقلق والاكتئاب، أو اضطراب ما بعد الصدمة الناتج عن اعتداء جسدي أو جنسي.

من هم الأكثر عرضة للإصابة؟ 

يعتبر النساء أكثر عرضة للإصابة بالقولون العصبي من الرجال، ثم الأشخاص الذين يعاني أفراد أسرتهم من متلازمة القولون العصبي، والأشخاص الذين عانوا من صدمة نفسية أو جسدية في مرحلة الطفولة.

عوامل خطر 

يمكن أن يرتفع خطر الإصابة بالقولون العصبي بسبب أحد العوامل التالية:

  • الإصابة بتسمم غذائي.
  • المعاناة من التهابات المعدة والأمعاء.
  • الإحساس بالقلق والتوتر أو الاكتئاب.
  • اضطرابات النوم.
  • أن يكون المصاب أنثى.
  • إصابة أحد أفراد الأسرى بالمتلازمة.

مضاعفات القولون العصبي 

لا تؤدي الإصابة بمتلازمة القولون العصبي إلى المعاناة من مضاعفات صحية خطيرة كالسرطان أو أمراض الأمعاء الالتهابية كداء كرون والتهاب القولون التقرحي. ذلك أن الأعراض قد تتحسن وقد تسوء حسب الحالة الصحية والنفسية للشخص، غير أن عدم علاجها يمكن أن يسبب الألم الشديد للشخص وعدم إحساسه بالراحة، مما قد يؤدي إلى انخفاض مستوى إنتاجيته وطاقته وتعرضه لاضطرابات مزاجية قد تؤثر على نمط حياته.

اقرأ أيضا: داء كرون والتهاب القولون التقرحي: فيم يتشابهان؟ وفيم يختلفان؟

كيف يتم التشخيص؟ 

للطبيب القدرة على تشخيص الإصابة بمتلازمة القولون العصبي فقط من خلال الأعراض التي يعاني منها الشخص. لكن، يمكن للطبيب أيضا اللجوء إلى اختبارات أخرى لاستبعاد الأسباب ذات الأعراض المشابهة للقولون العصبي، وتشمل هذه الاختبارات: 

  • اختبارات الدم 

يلجأ الطبيب إلى اختبارت الدم للكشف عن الأمراض التي تشبه أعراضها أعراض القولون العصبي، من ذلك العدوى وأمراض الجهاز الهضمي أو تشخيص الإصابة بفقر الدم أو عدم تحمل اللاكتوز.

  • اختبار البراز 

يُلجأ إلى اختبارات البراز لاستبعاد احتمال الإصابة بحالات صحية أخرى كالعدوى البكتيرية في الأمعاء أو وجود دم في البراز.

علاج القولون العصبي 

لا يوجد علاج فعال للشفاء من متلازمة القولون العصبي، وتهدف العلاجات الدوائية والطبيعية الموصوفة لتخفيف حدة الأعراض وتحسين نمط حياة الشخص.

العلاجات الدوائية 

تساعد نوعية الأدوية التي يصفها الأطباء على تخفيف أعراض القولون العصبي، وتشمل عادة الأدوية المضادة للتشنج؛ والتي تهدف إلى إرخاء عضلات الأمعاء لتقليل تشنجات وآلام البطن. ثم المُلَيّنات والتي تهدف لتخفيف الإمساك، ثم الأدوية المضادة لحركة الأمعاء والتي تساعد في تقليل أعراض الإسهال وإبطاء تقلصات عضلات الأمعاء. وأخيرا، مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات لتقليل آلام البطن.

العلاجات المنزلية 

من ضمن العلاجات الطبيعية المنزلية التي ثبتت فعاليتها في التخفيف من حدة أعراض القولون العصبي: 

  • زيت النعناع 

أثبتت دراسات علمية أن زيت النعناع فعال في تخفيف أعراض القولون العصبي بنسبة 58%، وذلك من خلال استخدام كبسولات معوية تحتوي على زيت النعناع، وقد ساهمت في تخفيف آلام البطن وتخفيف أعراض الإمساك والإسهال حسب كل شخص مصاب.

  • البروبيوتيك

تُعرف البروبيوتيك بالبكتيريا الجيدة التي توجد بشكل طبيعي في الجهاز الهضمي، وتوجد عادة في الأطعمة وفي المكملات الغذائية، ويتمثل دورها في الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي والوقاية من الاضطرابات المعوية والمَعِدية، ويمكن أن يفيد الحصول على البروبيوتيك في علاج متلازمة القولون العصبي من خلال إعادة التوازن البكتيري في الأمعاء، وعلاج فرط الحساسية وحركة الأمعاء المضطربة. وقد أثبتت دراسة لفائدة أشخاص تناولوا البروبيوتيك لعلاج القولون العصبي لمدة 90 يوما أنهم لاحظوا انخفاضا كبيرا في مستويات القيء والإسهال وتشنجات البطن والانتفاخ.

هل يمكن علاج القولون العصبي نهائيا؟ 

لا يوجد علاج فعال للتعافي من القولون العصبي، بل كل ما يُنصح بفعله هو إجراء تغييرات حول النظام الغذائي الذي ينبغي اتباعه، ثم الأدوية المساعدة على تخفيف أعراض القولون العصبي المرتبطة بصحة الأمعاء، ثم العلاجات النفسية للتخفيف من أعراض التوتر.

نصائح للتعايش مع القولون العصبي 

يمكن أن تساعد النصائح التالية في التعايش مع القولون العصبي والتخفيف من حدة أعراضه:

  • تغيير النظام الغذائي  

يساعد تغيير النظام الغذائي القائم على تجنب الأطعمة المحفزة لظهور أعراض القولون العصبي في تجنب تشنجات وآلام البطن المزعجة، وتشمل: بدائل السكر والحلويات الخالية من السكر المسببة للإسهال، ثم الحد من المشروبات الغازية والسكرية، والمشروبات التي تحتوي على الكافيين، وأنواع الخضر والفواكه المسببة للأعراض ثم الأطعمة الغنية بالغلوتين التي قد تهيج أعراض القولون العصبي.

بدلا من ذلك، يمكن الحرص على تناول الأطعمة الغنية بالشوفان لتقليل أعراض الانتفاخ والغازات، مع الأكل ببطء وعدم تفويت الوجبات وتناولها في نفس الوقت من كل يوم، وشرب ما يكفي من الماء للحفاظ على صحة الأمعاء وتفادي الاضطرابات الهضمية.

  • ممارسة الرياضية  

يمكن للأنشطة الرياضية كالجري والمشي وتمارين المقاومة أن تحسن أعراض القولون العصبي، إذ يساعد النشاط الرياضي على تقليل انتفاخ البطن، وتعزيز حركة الأمعاء، والوقاية من الإمساك، بالإضافة إلى الحد من مشاعر التوتر والقلق والاكتئاب التي تزيد الأعراض سوءا.

هل يمكن الوقاية من القولون العصبي؟

تساهم العديد من العوامل في الوقاية من القولون العصبي، أهمها تغييرات نمط الحياة بالحرص على ممارسة الأنشطة الرياضية لتعزيز حركة الأمعاء، والتقليل من التوتر والقلق، وتغيير النظام الغذائي للشخص بتجنب الأطعمة المسببة للإمساك والمؤدية إلى تفاقم الغازات وتشنجات البطن.

متى يجب زيارة الطبيب؟ 

يجب زيارة الطبيب عند تفاقم الأعراض التالية بدل انحفاض حدتها، وتشمل: 

  • النزيف المستقيمي.
  • آلام وتشنجات البطن التي لا تخف مع خروج الغازات وحركة الأمعاء.
  • فقدان الوزن المفاجئ.
  • انخفاض الشهية.
  • الغثيان والقيء.

المصادر